0

نتابع رحلة التأمل في آيات قرآنية تنطق بواقعنا اليوم وتصوره تصويراً دقيقاً.. وهذا يثيت أن القرآن صالح لكل زمان ومكان....

آيات طالما فسرها المفسرون على أنها نزلت في حق اليهود والنصارى الذين حرفوا كلام الله تعالى، واشتروا به ثمناً قليلاً، وكتموا الحقيقة مقابل المال والسلطة... فهؤلاء لهم عذاب أليم يختلف عن عذاب الكافر العادي... ولكن هل هذا كل شيء؟

لقد تأملتُ واقعنا اليوم ونحن نعيش في القرن الحادي والعشرين، ووجدتُ أن هذه الآيات تصور لنا الواقع اليوم، وهذا يدل على إعجاز هذه الآيات وأن القرآن لم ينزل لفترة محددة بل كل آية فيه تصلح لعصرنا هذا، وليس كما يدعون أنه نزل لعصر محدد وفي ظروف محددة.

فكم من علماء المسلمين اليوم يحرّف الحقائق ويصدر الفتاوى ويضلّ الناس بعلم أو بغير علم، وذلك مقابل المال أو الشهرة أو قليل من السلطة... وكم من الفتاوى بدأت تظهر اليوم على عكس السنوات الماضية، وعندما نرجع لخلفية هذا العالم أو ذاك نجده قد قبض المال مقابل هذه الفتاوى بطريقة أو بأخرى. حيث نجد صاحب الفتوى ينال من الشهرة والمال بقدر خدمته لأعداء الإسلام، ونجد المواقع الإلحادية والعلمانية هي أول من ينشر ويروّج لهذه الفتاوى ليقولوا للناس: انظروا هذا هو الإسلام!!

الأسلوب الجديد لتحريف القرآن

ولذلك فقد وجدتُ أن كل فتوى لا تتفق مع ديننا الحنيف نجدها منشورة على المواقع المعادية للإسلام، وبنفس الوقت نلاحظ استضافة هذا العالم وظهوره على فضائيات لم يكن ليحلم بها، ونجده يعيش في مستوى مادي لم يكن ليحلم به... ولكن ما هو الثمن؟ إنه تحريف كلام الله! ولكن ليس التحريف بتغيير الكلمات عن مواضعها لأن الله حفظ كتابه إلى يوم القيامة.. ولكن التحريف هنا بتشويه معنى الآية وتحريف تفسيرها وتشكيك الناس بعقيدتهم.

تحريف معنى آية الحجاب

فهذا العالم يقول إن الحجاب عادة وليس عبادة .. وآخر يقول إن الحجاب ليس من الإسلام .. وسبحان الله، إذا لم يكن الحجاب ليس فريضة، فما هو الذي يميز المرأة المسلمة عن غيرها؟ وإذا خرجت المرأة المسلمة متبرجة فمن يضمن لنا حمايتها من التحرش والأذى ... ومن يحمي الشباب المسلم من الفتنة في هذه الحالة؟

إذا كانت كل الدراسات العلمية أثبتت بأن النظر إلى المرأة المتبرجة يدمر خلايا الدماغ، ويعطل أجزاء من المخ تتعلق بالذاكرة واتخاذ القرار... وكل الدراسات العلمية تؤكد أن كشف وتعريض أجزاء من جسد المرأة لأشعة الشمس يسبب السرطان.. وكل العلماء أثبتوا أن السبب الرئيسي لزيادة جرائم الاغتصاب والتحرش الجنسي هو التبرج... وسبحان الله يأتي بعض من ينتسبون للإسلام ليقولوا إن الإسلام لم يفرض الحجاب... ولم يبقَ إلا أن يحلّوا الخمر والفاحشة...

تحريف معانى آيات العبيد والإماء

عالم آخر ينتقد أحاديث النبي الكريم صلى الله عليه وسلم بحجة أنها لا تتفق مع القرآن حسب فهمه أو منطقه، ويريد أن يلغي معظم الأحاديث التي يقوم عليها الدين ويزعم أنه يدافع عن الدين!! وسبحان الله، وكالعادة نجد مثل هؤلاء الكتاب ينشرون أبحاثهم في مواقع الإلحاد... فهل هذه خدمة للإسلام أو خدمة مجانية للإلحاد؟

وأصبحت أسهل طريقة للشهرة أن تطعن في الإسلام، فتثير قضايا غير موجودة اليوم ولا نستطيع الحكم عليها لأنها اختفت منذ زمن بعيد، وقد كانت مقبولة في منطق ذلك الزمن أما اليوم فنجدها غريبة وغير مقبولة... مثل ملك اليمين والجواري والسبايا والعبيد ... فما الفائدة من إثارة هذه المواضيع إلا خدمة أعداء الدين؟؟

فنظام العبيد والإماء كان منتشراً قبل الإسلام وجاء الإسلام ونظم هذه الظاهرة ووضع قوانين من خلالها يضمن الحماية والسلامة لهؤلاء العبيد والأيامى.. ومعظمهم كان يدخل في الإسلام طواعية وكانت هذه القوانين سبباً في دخول الكثيرين في دين الله... وهذه القوانين الخاصة بتنظيم العلاقة بين الرجل وما يملكه من عبيد وإماء، وهي قوانين صارمة ساهمت في نشر الإسلام وليس في نشر الفاحشة!!

ولم نعلم أبداً بأن الفاحشة انتشرت بين المسلمين بسبب هذه الظاهرة، على عكس التحرر الذي ينادي به العلمانيون اليوم والذي كان سبباً في انتشار الزنا والشذوذ بنسب مرعبة والأرقام التي تقدمها الأمم المتحدة عن أعداد المصابين بأمراض جنسية معدية هي خير دليل على أن نظام التحرر العلماني فاشل ويؤدي إلى التهلكة... بينما نظام الإماء والجواري كان ناجحاً لأنه ساهم في القضاء على هذه الظاهرة ظاهرة العبيد والإماء... ومع مرور الزمن اختفت هذه الظاهرة.

تحريف معاني آيات حرية الاعتقاد

وعندما تواجه الملحدين صعوبة في ردّ بعض المسلمين عن دينهم يستدعون بعض العلماء المتأسلمين بشكل خفي ويطلبون منهم فتوى حرية الاعتقاد فيقولون كلاماً حقاً يرادبه باطل، فيقولون إن بإمكان المسلم أن ينتقل لدين آخر بحرية دون قيود أو مساءلة.. فالله تعالى يقول: (فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ) [الكهف: 29]، ويتناسوا بقية الآية: (فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا) [الكهف: 29]. فلا يذكرون عقوبة ذلك الكافر المرتد عن دينه وأنه سيكون خالداً في النار.

يقول تعالى: (وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) [البقرة: 217]. ونقول إذا كان هناك شخص يريد أن ينتحر فهل نتركه يقتل نفسه بحجة الحرية الشخصية؟ وإذا قرر شخص ما أن يحرق الشقة التي يعيش فيها فهل من المنطق أن نتركه يفعل ذلك ويسبب الأذى لجيرانه ومن حوله بحجة أنه حرّ فيما يريد؟؟

فالله تعالى أعطى حرية الاعتقاد وحرية الانتقال لدين آخر وحرية الكفر والإلحاد ولكن لا يسمح بنشر الإلحاد والعلمانية والفاحشة والشذوذ بين الناس، فأنت حر في اعتقادك بشرط ألا تسيء للآخرين، وألا تجاهر بالمعصية وألا تفتن الناس وتشككهم في عقيديتهم...

خدعة "القرآنيون"

أما أولئك القرآنيون - والقرآن منهم بري - فاتخذوا كلمة حق يُراد بها باطل.. وادعوا أن كل ما يتفق مع القرآن من كلام النبي الكريم فهو حق وما دون ذلك فهو الباطل!! وسبحان الله، متى كان كلام رسول الله يتناقض مع كلام الله! إنها حجة واهية لضرب الإسلام من الداخل... وهذه طريقة خبيثة يتقنها أعداء الإسلام...

وبالنتيجة وصل هؤلاء إلى أن معظم أحاديث النبي الكريم لا تتفق مع القرآن حسب فهمهم للقرآن. وبالتالي أبطلوا مفاهيم إسلامية كثيرة على رأسها الحجاب والجهاد والإسلام السياسي... ووصلوا إلى نتائج تجعلهم يقبلون حتى بالشذوذ الجنسي... سبحان الله، بحجة أنه لا يوجد تحريم قاطع في القرآن حسب تفسيرهم لآيات القرآن!!

ومشكلة هؤلاء أنه لا يوجد بينهم عالم واحد في علوم وأصول الحديث... فالمقياس لديهم هو فهمهم للحديث فإذا اتفق مع عقولهم المحدودة قبلوا به وإلا يرفضونه ... وهكذا وجدوا أنفسهم أمام أحاديث كثيرة لا تتفق مع منطقهم وبالتالي شككوا الناس في هذه الأحاديث، ولو كان لديهم أسلوب البحث العلمي وأثبتوا بشكل علمي أن هذا الحديث ضعيف فلن يستطيع أحد أن يرفض أبحاثهم، أما أن تعتمد أبحاثهم على الفهم الخاص لكل واحد منهم فهذا ليس أسلوباً علمياً، بل هو مجرد أسلوب فاشل للطعن بالنبي صلى الله عليه وسلم... ويقولون إنهم يدافعون عن النبي؟؟!

جعلوا الإسلام أنواعاً

وهكذا يا أحبتي وكما تلاحظون ليس المقصود هو الدفاع عن الإسلام أو تنقيته من الشوائب أو ما يسمونه الإسلام المعتدل، حيث ليس هناك إسلام معتدل وآخر متطرف.. وكأننا أمام ديانتين متناقضتين، الإسلام كله رحمة وكله تسامح ومحبة وعدل... ولكن هذه المفاهيم لا تتحقق إلا باتباع تعاليم محددة، وحتى الدول الغربية اليوم تتغنى بالرحمة بالحيوان، وهم يرون ملايين الأطفال يموتون أمام أعينهم جوعاً في بلاد فقيرة هم من أفقرها ونهب خيراتها....

لماذا نعتقد أن العالم يتآمر علينا!!

وقد يقول قائل: لماذا نظرية المؤامرة، ولماذا هذه الحرب على الإسلام بالذات؟ ونقول: إن تعاليم الإسلام قوية جداً وقابلة للانتشار بسرعة، وحسب التقارير الأخيرة الصادرة عن هيئات علمية غربية، وجدوا أن الإسلام هو الدين الأسرع انتشاراً والأكثر قابلية للتأقلم مع كافة الظروف، وهو الدين الأكثر قدرة على الصمود في وجه المتغيرات... ولذلك فهو الدين المرشح ليحكم العالم من جديد!!

عندما يقول علماء ملحدين هذا الكلام، ماذا يعني؟ إنه يعني أن الإسلام إذا انتشر سيحصد رؤوس الكفر والإلحاد في العالم ويعطل مصالحهم وأطماعهم وشهواتهم... وبالتالي لابد من حرب منظمة وهادئة ومدفوعة الثمن... وهذا هو الواقع الذي نعيشه اليوم للأسف، ومعظم المسلمين غافلون عن هذه الحقيقة.

القرآن يصور لنا هذا الواقع المؤلم

والآن يا أحبتي دعونا نتساءل: هل من آيات تصور لنا هؤلاء العلماء المتأسلمين الذين شوهوا صورة الإسلام خدمة رخيصة لأعداء الإسلام؟ نعم، إنها آيات تؤكد العذاب الشديد والمميز لأمثال هؤاء الذين يقبضون ثمن هذه الفتاوى... وقد ذكرهم القرآن لنحذر منهم..

يقول تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) [آل عمران: 77- 78].

تأملوا معي الوصف الدقيق كيف فصّل الله تعالى حالتهم بشكل علمي ومنطقي كما يلي:

1- دائماً الذي يصدر الفتاوى الباطلة يكون هدفه المال وقبض ثمن هذه الفتاوى ولذلك بدأت الآية الكريمة بهذا الأمر لأنه مفتاح الفتنة: (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا)... فمهما كان الثمن فهو قليل لأنه زائل ولن يبارك الله فيه لأنهم عاهدوا الله والناس على الصدق وقول الحق ثم نكثوا هذا العهد وقبضوا ثمن ذلك في الخفاء.

2- ثم ينقلنا الله مباشرة إلى النتيجة بل هي خمسة نتائج كما يلي: (أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)، فالثمن الذي أخذوه في الدنيا سوف يحرمهم الحظ والجنة والنعيم في الآخرة، ليس هذا فحسب بل لن ينالوا شرف ولذة وسعادة النظر إلى الله والكلام معه يوم القيامة (وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) ... ولن يزكيهم – كما كان الناس يزكونهم في الدنيا – وهذه عقوبة نفسية أثرها أشد من العقوبة الجسدية، وآخر نتيجة هي عذاب أليم (وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ).

3- ولكن لماذا استحقوا هذه العقوبة الكبيرة، يأتي الجواب في الآية التالية: (وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ)، فهؤلاء يقولون مثلاً: إن الله تعالى أحلّ التعامل مع البنوك الربوية وهذا هو القرآن، فيحسب الناس أن القرآن بالفعل أحل الربا فيضعون أموالهم في هذه البنوك غير الإسلامية، ويحققون مكاسب مادية هائلة بسبب هذا التدليس على كتاب الله تعالى، فيوهمون الناس أن هذا هو الحلال الذي أقره القرآن.

4- ليس هذا فحسب بل يدعون أن هذه الأحكام وأخطرها مثلاً قتل من يخالفك في الرأي أو تكفيره... والتي انتشرت في عصرنا هذا بشكل مرعب، فتجد هؤلاء العلماء – وما هم بعلماء - يؤكدون أن هذه الأحكام من عند اللهن ولذلك قال تعالى: (وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ)، ولا تجد على لسانهم إلا قال الله وقال رسوله.. ونقول: من الذي يملك حق تكفير العباد إلا الذي خلق العباد!

5- وأخيراً ربما يقول قائل إن هذا العالم اجتهد فأخطأ فله أجر وليس عليه ذنب، ولذلك أوضح لنا الله أن قولهم هذا كذب وافتراء على الله وهم يعلمون ذلك ولكنهم يزورون الحقيقة، ولذلك ختم الآية بقوله: (وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ)... سبحان الله، أخبرتنا هذه الآية فعلاً بما تُكنّ صدروهم وما تخفي قلوبهم، إذاً هم يفترون على الله الكذب على علم منهم والهدف هو متاع الدنيا الفانية.

وتأملوا معي أيها الأحبة كيف بدأت الآية بالحديث عن الثمن (ثَمَنًا قَلِيلًا)، وانتهت بالحديث عن العلم (وَهُمْ يَعْلَمُونَ)، وبالفعل أول شيء ينكره هؤلاء هو قبضهم لثمن هذه الفتاوى، وعندما يتهمهم أحد بذلك يغضبون أكثر من اتهامهم بالكفر مثلاً.. وأكثر شيء أيضاً يخفونه هو أنهم يكذبون، بل يؤكدون ويحلفون بالله أنهم على الحق وأنهم صادقون وهم يعلمون أنهم كاذبون.. سبحان الله.

آيات أخرى تصف لنا هذا الواقع

إن الذي يتأمل كتاب الله تعالى يجد الكثير من الآيات تصف لنا أمثال هؤلاء، مع العلم أنها نزلت أساساً في مناسبات أخرى لتخبر عن اليهود والنصارى والمشركين... ولكن من إعجاز القرآن أنها تنطبق على عصرنا هذا.

يقول تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ) [البقرة: 174-175].

وسبحان الله، بنفس الطريقة يصور لنا الله تعالى عاقبة كل من يصدر فتوى لهدف سياسي أو لمكاسب مادية... هؤلاء يجب أن يعلموا بأن هذا المال الذي أخذوه ليس مالاً بل ناراً تشتعل في بطونهم: (مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ)... وفي الآخرة عقوبة أشد نفسية... (وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ) وعقوبة وجسدية (وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)..

فهؤلاء في الحقيقة باعوا الهدى والمغفرة بثمن قليل وأبدلوا ذلك بالضلالة والعذاب... فلا يملكون شيئاً يوم القيامة إلا الصبر على نار جهنم (فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ)... فكم سيصبرون وهل يستحق المال والشهرة والسلطة كل هذا الصبر على النار؟!

نسأل الله تعالى أن يهدينا لما اختُلف فيه من الحق بإذنه... إنه على كل شيء قدير.

ــــــــــــ

بقلم عبد الدائم الكحيل

www.kaheel7.com/ar

إرسال تعليق

 
Top