من رحمة الله بنا أنه
حفظ هذا القرآن فلم يتعرض لأي تحريف على الرغم من مرور 1400 سنة ونسخ
آلاف النسخ.. على عكس الإنجيل الذي تعرض لتحريف هائل كما سنرى....
أهدي هذه المقالة لكل من لم
يتذوق حلاوة القرآن بعد، لكل من يبحث عن السعادة الحقيقية.. وكل من يعتقد
أن القرآن محرف.. وبالنتيجة كل من هو بعيد عن هذا الكتاب العظيم، وبخاصة من
غير المسلمين..
ادعى أحد القساوسة أن الكتاب
المقدس (التوراة + الأناجيل الأربعة) لم يحرّف وأن جميع النسخ الموجودة
اليوم متطابقة، بينما نسخ القرآن الموجودة حالياً غير مختلفة عن بعضها!
طبعاً الذي فعله هذا القس أنه
عكس الحقيقة، حيث ثبت أن جميع مخطوطات الكتاب المقدس ليست مختلفة فحسب، بل
متناقضة بشكل رهيب.. هذا التناقض موجود داخل النسخة الواحدة كما يؤكد
أستاذ اللاهوت في جامعة University of North Carolina (UNC)البروفسور Bart Ehrman في كتابه Jesus, Interrupted: Revealing the Hidden Contradictions in the Bibleوهذا الكتاب يستدل من خلال التقطعات والاختلافات في كلام المسيح لكشف التناقضات الخفية في الكتاب المقدس.
يقول هذا البروفسور الذي درس
الكتاب المقدس دراسة أكاديمية ومنح العديد من الجوائز العلمية على كفاءته
ودقته العلمية في الأبحاث التي قام بها: إنني قبل أن أبدأ الدراسة كنتُ
أعتقد أن الإنجيل كلمة الله، ولكن بدأتُ بملاحظة تناقضات هائلة في كلام
المسيح في هذا الكتاب واختلافات كبيرة في كلامه أثبتت لي بما لا يدع مجالاً
للشك أن الإنجيل محرف!
هذا الباحث الذي يصنف على أنه
من أشهر علماء الإنجيل المعترف بهم ولديه كتب هي الأكثر مبيعاً، لا يهتم
بأي شيء إلا بالبحث العلمي، ولديه قواعد صارمة يطبقها في بحثه. وعندما درس
الكتاب المقدس بحيادية تامة أدرك على الفور أنه متناقض، ويؤكد دائماً في
محاضراته: هناك أكثر من خمسة ألاف نسخة من الكتاب المقدس كتبت باللغة
الأصلية (الإغريقية)، ولدى قراءتي لهذه النسخ لم أجد نسخة تطابق الأخرى، بل
وجدت كل نسخة تمتلئ بالتناقضات والأخطاء. كل نسخة من هذه النسخ كتبت من
قبل مجموعة أشخاص يختلفون عن الأشخاص الين كتبوا نسخة أخرى وهكذا.. إن
أسلوب الكتابة أقل بكثير من أسلوب أي طالب في المدرسة!
إن الناس الذين كتبوا الكتاب
المقدس لم يبالوا بوجود أسلوب ركيك أو أخطاء في نفس الصفحة، بل كتبوه
بطريقة سيئة وفيها تشويه متعمد للحقائق. إن الذبن كتبوا الإنجيل تعمّدوا
تشويه صورة المسيح! إن هذه التناقضات تجعل الباحثين والعلماء يتركون
المسيحية وينقلبون إلى الإلحاد!
يقول هذا الباحث: إن النسخ
الأصلية لإنجيل غير موجودة لدينا، ما هو موجود مخطوطات كتبت بعد زمن المسيح
بعدة قرون ونجد فيها كلاماً لأناس أتوا بعد الذين كتبوا الإنجيل بقرون،
ولو أن الله هو الذي أوحى هذا الكلام هو الله، فيجب أن يحفظه حتى يصلنا
سالماً من التحريف.
في عام 1707 م، عندما اخترعت
المطابع ظهرت مشكلة جديدة، وهي: أي النسخ يختارون للطباعة؟ فقد قام جون ميل
من جامعة أكسفورد بدراسة استمرت 30 عاماً لما بين يديه من مخطوطات للإنجيل
وعددها 100 نسخة، وظهرت لديه اختلافات كثيرة جداً، وبسبب الأمانة العلمية،
فقد قام بطباعة نسخة للإنجيل وكتب في هامشها الاختلافات بين النسخ
المتوافرة لديه.
لقد كانت المفاجأة المفزعة
أنه وجد أكثر من 30000 اختلاف بين هذه النسخ! مع العلم أن "جون" لم يدرس كل
الاختلافات، إنه وضع الاختلافات ذات الأهمية فقط وكان العد مرعباً، واتهمه
معارضوه بأنه يحاول التشكيك بالكتاب المقدس.
ويقول الباحث "بارت" إن عدد الاختلافات الموجودة اليوم
بين النسخ الأصلية المتوافرة باللغة الأغريقية (وعددها 5700 مخطوط) يقدر
بنحو 200000-400000 اختلاف، ويمكني القول إن عدد الاختلافات في الإنجيل
الحالي أكثر من عدد كلمات الإنجيل! هذا فقط في العهد الجديد.
كثير من الاختلافات سببها تغيير مواضع الكلمات من مكان
لآخر، أي أنك تجد الجملة ذاتها في هذه الصفحة من النسخة، وقد تجدها في
موضع آخر من نسخة ثانية وهكذا. وقد تجد أن هذه الجملة غير موجودة في نسخة
أخرى، وقد تجد أن الذي نسخ الإنجيل نسي فقرة أو صفحة فلم ينسخها بسبب ربما
التعب أو اللامبالاة..
خطأ تكرر كثيراً أثناء عمليات النسخ وهو الجمل ذات
النهايات المتشابهة، فتجد أن الكاتب إذا صادفه سطران ينتهيان بنفس الكلمة
يظن أنه نسخ السطر الثاني فينسى سطراً كاملاً. حيث تقفز العين من سطر لآخر
وهي ظاهرة معروفة وجربها كل واحد منا. حيث يكون لدينا كلمات متشابهة في
نهاية سطرين متتاليين، وبالتالي العين تقفز للسطر الثالث.
إذاً هناك أخطاء عادية وأخرى مقصودة أو متعمدة.
تطبيق طريقة "Bart Ehrman" على فقرة من الأناجيل الأربعة
والآن دعوني أخاطب قلب وعقل كل من يعتقد أن الإنجيل لم
يحرّف وأقول: إجلس مع نفسك واقرأ أي قصة تريدها ولكن لا تقرأ إنجيلاً
واحداً بل اقرا هذه القصة من الأناجيل الأربعة معاً. وسوف تلاحظ الكم
الهائل للتغيير والتحريف والحذف والإضافة عن قصد أو غير قصد، وسوف أعطيك
مثالاً واحداً أعتبره من أهم الأمثلة.
طبعاً لدينا اليوم أربعة أناجيل معترف بها من قبل
المسيحيين بشكل عام وهي: إنجيل مرقس – إنجيل متى – إنجيل يوحنا – إنجيل
لوقا.. وطبعاً هذه الأناجيل الأربعة لم تذكر إطلاقاً أي اسم من هذه الأسماء
الأربعة (مرقس، متى، يوحنا، لوقا) فكتاب الأناجيل مجهولون، على عكس القرآن
حيث نعلم كتبة الوحي ونعلم كيف وصلنا القرآن بالتواتر من سيدنا رسول الله
مباشرة وحتى يومنا هذا...
هناك حقيقة أو وصية يذكرها المسيح في أحد الأناجيل وهي كما يقول أهم وصية على الإطلاق، حيث يقول المسيح في إنجيل مرقس: (28فَجَاءَ وَاحِدٌ
مِنَ الْكَتَبَةِ وَسَمِعَهُمْ يَتَحَاوَرُونَ، فَلَمَّا رَأَى أَنَّهُ
أَجَابَهُمْ حَسَنًا، سَأَلَهُ:«أَيَّةُ وَصِيَّةٍ هِيَ أَوَّلُ
الْكُلِّ؟» 29فَأَجَابَهُ يَسُوعُ:«إِنَّ أَوَّلَ كُلِّ الْوَصَايَا هِيَ:
اسْمَعْ يَا إِسْرَائِيلُ. الرَّبُّ إِلهُنَا رَبٌّ وَاحِدٌ. 30وَتُحِبُّ
الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ، وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ، وَمِنْ
كُلِّ فِكْرِكَ، وَمِنْ كُلِّ قُدْرَتِكَ. هذِهِ هِيَ الْوَصِيَّةُ
الأُولَى. 31وَثَانِيَةٌ مِثْلُهَا هِيَ: تُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ. لَيْسَ وَصِيَّةٌ أُخْرَى أَعْظَمَ مِنْ هَاتَيْنِ». 32فَقَالَ لَهُ الْكَاتِبُ:«جَيِّدًا يَا مُعَلِّمُ. بِالْحَقِّ قُلْتَ، لأَنَّهُ اللهُ وَاحِدٌ وَلَيْسَ آخَرُ سِوَاهُ. 33وَمَحَبَّتُهُ مِنْ كُلِّ
الْقَلْبِ، وَمِنْ كُلِّ الْفَهْمِ، وَمِنْ كُلِّ النَّفْسِ، وَمِنْ كُلِّ
الْقُدْرَةِ، وَمَحَبَّةُ الْقَرِيبِ كَالنَّفْسِ، هِيَ أَفْضَلُ مِنْ
جَمِيعِ الْمُحْرَقَاتِ وَالذَّبَائِحِ». 34فَلَمَّا رَآهُ يَسُوعُ
أَنَّهُ أَجَابَ بِعَقْل، قَالَ لَهُ:«لَسْتَ بَعِيدًا عَنْ مَلَكُوتِ
اللهِ». وَلَمْ يَجْسُرْ أَحَدٌ بَعْدَ ذلِكَ أَنْ يَسْأَلَهُ!) [الأصحاح 12 من إنجيل مرقس].
نلاحظ في هذا الإنجيل حقيقة صارخة تؤكد أن الله واحد وليس ثلاثة، وهذا الكلام على لسان السيد المسيح الذي يؤكد أن أهم وصية بقوله (الرَّبُّ إِلهُنَا رَبٌّ وَاحِدٌ) وتأمل كلمة (إلهنا) فيها اعتراف بأن الله هو إله المسيح، وهو رب واحد، فيجب علينا أن نحبه وأن نحب أقرباءنا. فهاتين أهم وصيتين كما يقول المسيح.
إن الذي يقرأ هذا الإنجيل ويقرأ هذه الوصية التي
يعتبرها المسيح الأهم على الإطلاق، يتوقع أن يجد هذه الوصية في الأناجيل
البقية، ولكن ماذا حدث؟ الحقيقة أن هذه الفقرة تم تعديلها في إنجيل متى لأن
الكاتب انتبه أن هذه العبارة هي عبارة التوحيد!! وتناقض عقيدة التثليث
لذلك تم تحريفها لتصبح كما يلي:
تأملوا معي كيف تم تحريف النص وحذف عبارة (الرَّبُّ إِلهُنَا رَبٌّ وَاحِدٌ) وحذفت عبارة (اللهُ وَاحِدٌ)، ووضعت مكانها عبارة (الرَّبَّ إِلهَكَ) لأن الكاتب انتبه أنه لا يمكن للمسيح أن يقول (الرب إلهنا) لأن هذا اعتراف منه بأن الله ربه وأنه مخلوق!
وأخيراً يأتي كاتب إنجيل يوحنا ليقوم بتغيير شامل لهذه
الوصية ويملأها بالمحبة بعيداً عن أي ذكر لله تعالى أو محبته!! فلم تعد
محبة الله ذات أهمية، ولذلك يقول: (12«هذِهِ هِيَ وَصِيَّتِي أَنْ تُحِبُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا كَمَا أَحْبَبْتُكُمْ. 13لَيْسَ لأَحَدٍ حُبٌّ أَعْظَمُ مِنْ
هذَا: أَنْ يَضَعَ أَحَدٌ نَفْسَهُ لأَجْلِ أَحِبَّائِهِ. 14أَنْتُمْ
أَحِبَّائِي إِنْ فَعَلْتُمْ مَا أُوصِيكُمْ بِهِ. 15لاَ أَعُودُ
أُسَمِّيكُمْ عَبِيدًا، لأَنَّ الْعَبْدَ لاَ يَعْلَمُ مَا يَعْمَلُ
سَيِّدُهُ، لكِنِّي قَدْ سَمَّيْتُكُمْ أَحِبَّاءَ لأَنِّي أَعْلَمْتُكُمْ
بِكُلِّ مَا سَمِعْتُهُ مِنْ أَبِي. 16لَيْسَ أَنْتُمُ اخْتَرْتُمُونِي
بَلْ أَنَا اخْتَرْتُكُمْ، وَأَقَمْتُكُمْ لِتَذْهَبُوا وَتَأْتُوا
بِثَمَرٍ، وَيَدُومَ ثَمَرُكُمْ، لِكَيْ يُعْطِيَكُمُ الآبُ كُلَّ مَا
طَلَبْتُمْ بِاسْمِي. 17بِهذَا أُوصِيكُمْ حَتَّى تُحِبُّوا بَعْضُكُمْ
بَعْضًا.) [إنجيل يوحنا الأصحاح 15].
وتأملوا معي كيف حرفت وصية المحبة لتصبح هكذا (تُحِبُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا)...
وهنا الكاتب يتخلص من أي ذكر لله تعالى.. طبعاً هذه الوصية لا نجدها في
نفس المكان من الأناجيل الأربعة، بل في كل مرة نجدها في مكان مختلف.. هكذا:
لاحظوا أنه لا يوجد في الأناجيل الأربعة فقرة كاملة
تطابق فقرة أخرى، بل اختلافات بالجملة.. وهذا يدل على أنه كتاب من عند غير
الله! هذا ما يقوله أي باحث علمي محترم، ولكن ماذا قال الله تعالى عن كتابه
الكريم؟ يقول تعالى: (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا) [النساء: 82].. وهنا نلمس معنى جديداً للتدبر!
هل يريد الله أن يقول لنا: يجب عليكم أن تدرسوا القرآن
وتقارنوا آياته وتتعرفوا على مخطوطاته... وتدرسوا كل كلمة وكل حرف وكل
قصة، وكيف تكررت القصة ذاتها في مواضع عدة من هذا الكتاب.. وكيف تم جمع
وترتيب وتدوين ونسخ ونشر.. هذا المصحف.. وتقوموا بكل جهد علمي لازم لتخرجوا
بنتيجة أو بحقيقة علمية تقول: (وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا)، أي لن تجدوا أي اختلاف في هذا القرآن مهما درستم وتدبرتم!
تطبيق طريقة "Bart Ehrman" على مخطوطات القرآن
والآن دعونا نتدبر هذه المخطوطة للقرآن والتي يعود
تاريخها لزمن سيدنا عثمان أو قريباً منه، أي هي من القرن الأول، وبالتالي
لو طبقنا طريقة البروفسور "إهرامان" على هذه المخطوطة سوف نجد أنها مطابقة
مئة بالمئة للقرآن الذي بين أيدينا اليوم دون زيادة أو نقصان!
طبقاً لأبحاث البروفسور "إهرامان" إنه من المستحيل أن
يبقى أي كتاب محافظاً على نفسه أثناء تكرار نسخه خلال مئات السنين، لابد أن
يتعرض لأخطاء من قبل النسّاخ، لأن النسخ اليدوي صعب ولابد أن يقع الناسخ
في أخطاء يعرفها المختصون.
ولكن هناك استثناء واحد في التاريخ ألا وهو كتاب الله، لأن الله تعهد بحفظهفقال: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) [الحجر: 9]. وسوف نتأمل
صفحات من مخطوطة للقرآن الكريم موجودة في متحف المخطوطات بالقاهرة، وهذه
الصفحات من سورة البقرة وسوف نلاحظ أنها تطابق تماماً المصحف الذي بين
أيدينا دون زيادة كلمة أو نقصان حرف.. سبحان الله!
ولكن ما هذه القوة التي
تتضمنها كلمات القرآن، وكيف تمكن النساخ من ألا يقعوا في أي خطأ بشري حتى
من دون قصد وبخاصة أن القرآن يحوي الكثير من العبارات المتشابهة والتي يكون
احتمال الخطأ معها هائلاً، هذا هو السؤال المهم؟
السبب هو في أسلوب القرآن الرائع والمناسب للحفظ في القلوب، كما قال تعالى: (بَلْ هُوَ آَيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآَيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ) [العنكبوت: 49]، أي أن الله تعالى من رحمته أن جعل هذا القرآن سهل الحفظ والتذكر.. لذلك قم يقل (إنا نحن نزلنا الكتاب) بل قال: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ)، لأن تذكر القرآن أهم من
كتابته، فقد يخطئ الناسخ لهذا الكتاب إن لم يكن يحفظه.. فحفظ القرآن في
الصدور هو الذي منع حدوث أي خطأ بشري.. هل هذا في استطاعة محمد صلى الله
عليه وسلم لو أ،ه هو الذي كتب القرآن؟
ولذلك عندما طلب المشككون معجزة مثل معجزة عصا موسى مثلاً فقالوا: (وَقَالُوا
لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آَيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآَيَاتُ
عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ) [العنكبوت: 50]، فأجابهم الحق تعالى بقوله: (أَوَلَمْ
يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ
إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) [العنكبوت: 51]. فهذا
الكتاب يُتلى على الناس منذ نزوله وحتى قيام الساعة.. أليست عملية حفظ
القرآن خلال 1400 سنة هي رحمة من الله تعالى بنا؟
تصور نفسك عزيزي القارئ أن
الله لم ينزل هذا القرآن أو لم حفظه.. ماذا ستجد فيه اليوم؟ إنك ستجد
نصوصاً أشبه بتلك التي في الإنجيل الحالي الذي رأيناه، عبارات لا معنى
لها.. كلام غير مترابط، عبارات لا يمكن فهمها.. بل لا يمكن حفظها مهما حاول
البشر، والأسوأ من ذلك الضياع الذي سيسببه لنا تحريف القرآن لو حدث كما
يدعي أعداء الإسلام... لذلك أليس حفظ القرآن هو رحمة لنا كما قال تعالى: (أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) [العنكبوت: 51].
عندما ندرس أي مخطوطة للقرآن
مهما كان تاريخ كتابتها سوف نجدها مطابقة للمصحف الذي بين أيدنا اليوم،
وهناك فقط اختلافات في رسم بعض الكلمات أو طريقة قراءتها دون الإخلال
بالمعنى وهذا ما يعرف بقراءات القرآن الكريم.. وهي اختلافات قليلة جداً
جداً ولا تكاد تذكر وسببها اختلاف لهجات العرب زمن نزول القرآن فأنزل الله
القرآن على سبعة أحرف رحمة بالمؤمنين ..
مثلاً في سورة الفاتحة نقول (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ).. وفي قراءة نجدها (مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ) من دون ألف، هذا هو أحد
الاختلافات التي يمكن أن نصادفها في مخطوطات القرآن. مع العلم أن الكلمة
كتبت بنفس الطريقة هكذا (ملك) من دون ألف ويمكن قراءتها (مالك) و(ملك)..
كما أن المعنى متقارب جداً ولا يوجد اختلاف في المعنى، لأن الله هو مالك
يوم الدين وهو ملك يوم الدين.
إن عبارة (إله واحد)
التي حذفت من ثلاثة أناجيل وبقيت في واحد (لقد شاء الله أن تبقى هذه
العبارة كدليل على أن المسيح ليس إلهاً)، هذه العبارة لو بحثنا عنها في
القرآن ماذا نجد؟ لقد تكررت هذه العبارة 11 مرة في القرآن (تأمل العدد 11
الذي يتألف من 1 و 1 كدليل على الإله الواحد)!!
تأملوا معي دقة وقوة هذه الآيات الإحدى عشرة:
1- الآية الأولى عامة تخاطب جميع البشر: (وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ) [البقرة: 163].
تأملوا معي كيف أكد القرآن
بوضوح كامل على حقيقة أن الله واحد وهو إله، وكل من يقول إن هناك ثلاثة
آلهة فيجب عليه أن ينتهي عن هذا الاعتقاد الفاسد، لأنه مخالف للحقيقة
والواقع والمنطق والعلم.
والحمد لله رب العالمين..
ــــــــــــ
بقلم عبد الدائم الكحيل
www.kaheel7.com/ar
المراجع:
Jesus
Interrupted: Revealing the Hidden Contradictions in the Bible (and Why
We Don't Know About Them), Bart D. Ehrman, HarperOne, 2010.
إرسال تعليق