كان ذو القرنين ملكاً عادلاً صالحاً آمن بربوبية الإله الواحد وألوهية الله سبحانه وتعالى، ودعا الناس إلى عبادة الله وحدة لا شريك له، واختلفت الرويات وآراء الباحثين في تحديد شخصية ذو القرنين الصحيحة،
فمنهم من يحكي أنّه الإسكندر الأكبر، ومنهم من اعتبر أنّه كان أحد فراعنة
مصر القديمة، وقد آتاه الله الرزق الكثير والعقل الرزين، فكان معروفاً
بعدله، وحكمته، وفطنته، ورجاحة عقله.
موقع سدّ ذو القرنين
طاف ذو القرنين بجيشه
مشارق الأرض ومغاربها حتى وصل إلى مغرب الشمس وهو المكان الذي تغرب منه
الشمس في آخر النهار، وقد قيل إنها أمريكا الشمالية؛ لأنّها آخر مكان تغيب
عنها الشمس عند نهاية اليوم، وكما ذكر في القرآن بالآية
الكريمة: {حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي
عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَا ذَا
الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ
حُسْنًا}.
وقيل بأنّ العين الحمئة التي
تغرب فيها الشمس هي بحيرة يلوستون الموجودة في منتزه يلوستون الوطني،
فعندما تغرب الشمس وتلامس مياه البحيرة تكون كأنّها عين كاملة كما هو مذكور
في الآية.
اختلف الباحث المصري طارق عبده إسماعيل مع هذه الأقاويل، فمن خلال رحلاته وتجاربه قال بأنّ العين الحمئة موجودة في الشرق الأوسط وتحديداً في بحيرة في بشيكول في قرجيزستان، واستند إلى وجود سد ذو القرنين بهذه
المنطقة باستخدام أدوات التنقيب عن المعادن، حيث اكتشف أنّ السدّ الموجود
بين الجبلين الواقعين في المنطقة المذكرة يحتوي بكميات كبيرة على الحديد
والنحاس، وهذا ما تؤكّده الآيات الكريمة: {آَتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ
حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا
جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آَتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا}، والقطر أو
القطران هو النحاس المذاب على درجات حرارة عالية.
تعلّق سدّ ذو القرنين بقوم
يأجوج ومأجوج، وهم قوم عرفوا بالفساد وسوء أخلاقهم، وقيل بأنّهم قوم
المغول وأرضهم تقع بالشمال الشرقي من آسيا وكانوا يملؤون الأرض فساداً ولا
يسلم من جاورهم من آذاهم، وقيل أيضاً أنّهم من الترك من نسل يافث بن نوح،
وعند قدوم ذو القرنين اشتكى الناس إليه لعدله بأن يحميهم من أذى يأجوج ومأجوج فقام ببناء السد وحاصرهم ومنعهم من أن يصلوا إلى أقوام الأرض، وذكر في القرآن الكريم أنّ قوم يأجوج ومأجوج سيخرجون
بآخر الزمان، وهو أمرٌ يعلمه الله وحده، ومن شدّة صلابة السدّ فهم لا
يستطيعون اختراقه، فهم يحاولون يومياً أن يصنعوا فيه فتحة يمرون منها،
ولكنهم لا يستطيعون بأمر الله سبحانه وتعالى.
إرسال تعليق