حاجة الإنسانية
إلى منهج النبي محمد صلى الله عليه وسلم
ما أحوج العالم اليوم إلى منهجِ حقٍّ وعدل
ليسود السلام والأمان ربوع العالم كله، نعم، فعالمنا اليوم يموج في بحرٍ
من الظلمات، ظُلْم وطغيان، وسفْك دماء، وشعوب تُبادُ وأخلاق تُدمَّر، وقيم
ومثاليات تُهدَم، وأحوال تُبدَّل، حتى أصبح الباطل حقًّا، والحق باطلاً،
وقام الهوى مقام الرُّشد، والضلال مَقام الهدى، والمنكَر مقام المعروف،
والكذب مقام الصدق، والخيانة مقام الأمانة، فأدى ذلك إلى انحراف في
الفِطَر، وظلمة في القلوب، وكَدَر في الأفهام، وربِّي على ذلك الصغير،
وهَرِم فيه الكبير، وأصبح باطن الأرض خيرًا من ظاهرها، ومعاشرة الوحوش أهون
من معاشرة البشر، وكأن الدنيا أصبحت تُحكَم بمنهج الغابة، بل هي كذلك.
ويُذكرنا هذا الحال بحال الدنيا قبل بعثة
الرحمة المهداة والنعمة المسداة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- حيث كانت
تئن بظلم الظالمين، وغياب قانون الحق، وسيادة قانون الباطل، فأرسله الله -
عز وجل - رحمة للعالمين ليخرج الناس من الظلمات إلى النور، فأذن الله - عز
وجل - بانجلاء الليل، وبزوغ الفجر، ليسود العدل وتعلو القيم والمبادئ
والأخلاق في ربوع الدنيا وذلك في سنوات معدودات.
فلنقرأ التاريخ،
فهو خير شاهد على ذلك لنتعرَّف كيف أسَّس رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
أمةً، وكيف ربَّى رجالاً سادوا ونشروا النور والحق والعدل في مشارق الأرض
ومغاربها.
ثم عاد الظلام ليبسط يده على الدنيا مرة
أخرى، وذلك حينما تخلَّت أمة الحق عن رسالتها، وأخفقتْ في بثِّ منهج نبيها
محمد -صلى الله عليه وسلم- وتوارتْ واحتجبت عن دَورها وأمانتها فتركت كتابَ
ربها وسنة نبيها - صلى الله عليه وسلم.
وتداولتها الأيام بين إخفاق وانزواء عندما تَبتعِد عن منهج نبيها -صلى الله عليه وسلم- وبين تمكين واستعلاء حينما تعود إليه.
فهلا اشتاقت الإنسانية إلى عدلِ النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- وصحابته؟!
وهلا طالَب العالم بحكمة مِثل حكمته في سياسة أمور من حوله وأمته والدنيا بأسْرها؟!
وهلا نادت الدنيا على حق يسود فيها مِثل الحق البيِّن الذي جاء به النبي محمد - صلى الله عليه وسلم؟!
وهلا نقَّب البشر عن أخلاقٍ مِثل الأخلاق
التي عاش بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وربَّى عليها صحابته، وتركها
كنزًا لأمته وللدنيا من بعده؟!
ثم هلا تساءل وبحث العالَم عمن يحل له معضلاته ومشاكله مثلما فعل النبي محمد - صلى الله عليه وسلم؟!
هلا.. وهلا.. وهلا؟!
وبعد، فهذا نداء إلى كل مسلم: يا مَن
شرَّفك الله بهدايتك إلى طريق التوحيد ومعرفة رب العرش العظيم، يا من أعزك
الله تعالى بهذا الدين الحنيف وهذا الشرع القويم، أما آن لك أن تقوم
برسالتك التي كلَّفك الله -تعالى- بها بتبليغ هذا النور، وهذا الحق إلى
البشر أجمعين، وأعظم ما تؤدي به هذه الرسالة أن تكون في ذاتك قدوة للآخرين
تُجسِّد من خلالها عظيم أخلاق نبيك الكريم -صلى الله عليه وسلم- لتُعيد
للبشرية هذا الميراثَ العظيم من أعظم قدوة وأسوة أخرجت للعالمين.
أما آن لك أن تقوم بالدعوة إلى دين ربك
الذي اختاره للعالمين، وذلك بالحكمة والموعظة الحسنة، كما أمرك رب العرش
العظيم، وعلَّمك نبيك الكريم - صلى الله عليه وسلم؟!
أما آن لك أن تقوم لتَذُبَّ عمن بعثه الله
تعالى رحمة للعالمين، وذلك باتباع سنته ونُصرته وتوقيره وتعزيره امتثالاً
لأمر ربك العزيز الحكيم؟!
ثم هذا نداء إلى كل صاحب قلب حي، وضمير
يبحث عن الحق نقول له بكل إخلاص وحب: ضالَّتك هنا في هذا الدين القيم، ومن
خلال هذا المنهج القويم.
فهيا أسرِع وأقبِل قبل أن يفوت الأوان ونُصبح نادمين، ونُردِّد ما قاله ربنا - جل جلاله - على لسان النادمين.
﴿ حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ *
لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ
هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾ [المؤمنون: 99، 100].
إرسال تعليق