لا أحب المفاجآت
الأب: تأخرنا يا عمار، هيا يا بنيّ.
عمار: انتهيت يا أبي، أنا قادم. لكن لماذا لا تخبرني يا أبي أين سنذهب؟
الأب: كم مرة قلت لك بأنني أريد أن أفاجئك!
قال عمار: الحقيقة
يا أبي لا أحب المفاجآت، وكنت أفضّل الخروج في وقت آخر، لأنني كنت في صحبة
رسول الله، وقد كان يروي لأصحابه قصة الثلاثة الذين أغلقت عليهم الصخرة.
قال الأب: لا مشكلة، سأرويها لك. ما رأيك؟
خرج ثلاثة شباب يمشون، حتى وصلوا جبلاً فيه غار، فدخلوه ليبيتوا. وفجأة وقعت صخرة ضخمة فأغلقت فتحة الغار.
أخذوا
يدفعون الصخرة ويدفعون، لكنهم لم يستطيعوا لأنها ثقيلة جداً، عظيمة جداً.
جلسوا يفكرون حائرين، حتى اهتدَوْا إلى طريقة ربما يفرِّج الله بها
مصيبتهم.
قال الأول: كنت
أُحضر الطعام والحليب لوالديّ، وأُحب أن يكونا أول مَن يشرب، ثم أُعطي
أبنائي وزوجتي ليشربوا. وتأخرت يوماً في العودة إلى المنزل، فوجدت والديّ
نائمين، فظللتُ ممسكاً بوعاء الحليب أنتظر استيقاظهما ولم أعط أحداً يشرب
قبلهما حتى استيقظا فجراً، فشربا أولاً قبل الجميع. اللهم إن كنتُ فعلتُ
ذلك حباً فيك ومن أجلك، ففرِّج عنا ما نحن فيه. فانفرجت الصخرة قليلاً، لكن
الفتحة لا تكفي للخروج.
قال الثاني:
قد كانت لي ابنة عم وهي ليست زوجتي، طلبتْ مني مبلغاً من المال، فطلبتُ
منها أن تأتي إلى بيتي لأعطيها المال، لكنني خفت الله، فكيف تأتيني وهي
ليست زوجة لي؟ فغيرتُ رأيي وطلبتُ منها ألاّ تأتي وأعطيتها المال هدية.
اللهم إن كنت فعلت هذا الأمر من أجلك، ففرِّج عنا ما نحن فيه. فانفرجت
الصخرة أكثر، لكنهم لم يتمكنوا من الخروج.
قال الثالث: اشتغل
عندي عدد من العمال، وقد أعطيتهم أجرهم إلا واحداً ذهب ولم يأخذ ماله،
فأخذت هذا المال واشتريت له به غنماً، وكَثُر غنمه.. عاد بعد سنوات، وطلب
ماله، فقلتُ له خذ من الغنم ما شئت فكل هذا مالك وكثّرته لك. اللهم إن كنتُ
فعلت هذا من أجلك ففرِّج عنا ما نحن فيه. فانفرجت الصخرة، وخرجوا يشكرون
الله.
وصلنا يا عمار.. هيا ننزل.
عمار: لكن لا أحب السوق يا أبي.
الأب: حتى لو اشتريت لك آلة تصوير تصور بها ما تحب؟
لم يصدّق عمار ما سمع، ولم يصدق أنه صار يمتلك آلة تصوير، صوّر بها الشجر والبنايات ووالده، وجبلاً وصخرة.
قال عمار: دائماً تفاجئني يا أبي!
ابتسم الأب قائلاً: كنتَ لا تحب المفاجآت!
تُنشر بالتعاون مع مجلة (منبرالداعيات)
إرسال تعليق