لقد قص الله سبحانه وتعالى علينا في كتابه
الكريم الكثير من قصص الأمم الذين من قبلنا، ليكون لنا في قصصهم عظة وآية،
ومن بين تلك القصص قصة فرعون وهامان مع نبي الله سيدنا موسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام.
فقد كان هامان وزيرًا لفرعون، وقد طلب منه
فرعون أن يبني له بناءًا عاليًا حتى يتحقق من وجود الله سبحانه وتعالى على
زعمه، وقد ورد ذكر "هامان" في القرآن الكريم ست مرات، كما ورد اسمه متصلاً
باسم فرعون كشخص من المقربين إليه ويسند فرعون إليه أعمال البناء، قال
تعالى: {وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَاهَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي
أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ * أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ
مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ
سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنْ السَّبِيلِ وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا
فِي تَبَابٍ}.. [غافر: 36-37].
وقال تعالى: {وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا
الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا
هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى
إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ}.. [القصص : 38].
صرح هامان في الأقصر الذين بناه لفرعون" border="0">وهناك في مدينة الأقصر العريقة وتحديدًا في منطقة تسمة "الكوم الأحمر" والتي تقع جنوب شرق معبد الكرنك يوجد بقايا بناء من الطوب الأحمر، يقال إنه بقايا صرح هامان الذي
أمر فرعون ببناءه، وهو عبارة عن مكان كبير به بقايا من الطوب الأحمر
متراصة فوق بعضها بطريقة تشبه عمل قمائن الطوب الأحمر حاليًا.
ويعتقد أهالي المنطقة- حسبما توارثوه من أقوال
أجدادهم- أن هذا المكان، هو الصرح الذي أمر فرعون وزيره هامان ببنائه كما
جاء في القرآن، ودفعت هذه الأقاويل أحد الباحثين الأثريين وهو أنور أبو
المجد- نقيب المرشدين السياحيين السابق-، لإجراء دراسة حول هذا الموضوع،
التي رجحت كون هذا المكان بالفعل هو صرح فرعون –بحسب الباحث-.
وفي دراسته، ربط الباحث منطقة "الكوم الأحمر" التي تقع في مدينة الأقصر، جنوب شرق معبد الكرنك بصرح
فرعون، حيث أوضحت الدراسة أنه رغم أن مكان "الكوم الأحمر" مهملا تاريخيًا
وآثريا ولم تذكره الحفريات والاكتشافات ربما لأن ليس قيمة آثرية إلا أن
الباحث يرى أنه يفيد في فهم موضوع صرح فرعون، حيث هو عبارة عن مكان متسع به
بقايا من الطوب الأحمر متراصة فوق بعضها بطريقة تشبه عمل قمائن الطوب
الأحمر، والتي يتم خلالها تجميع التراب الأسود ثم خلطه في الماء، ثم يضاف
إليه التبن (وهو كسر عود القمح) ثم يترك ثم تنقيته من الحصى والطوب ويترك
ليتماسك ويوضع بعد ذلك في قالب خشبي عبارة عن شكل الطوب النهائي ثم يتم
تسويته من الأعلى ويترك ليجف في حرارة الشمس، ثم بعد ذلك يتم جمعه وترتيبه
في هيئة بناء دون طين ويعمل له بناء مربع 5 × 5 أمتار وارتفاع حوالي 4
أمتار ويكون لهذا البناء فتحات طولية وعرضية متواصلة ومتشابكة يوضع فيها
الحطب والخشب والوقود ثم توقد عليه النار لساعات وتترك بعدها لأيام يخرج
بعدها الطوب الأخضر أو اللبن إلى طوب أحمر أو آجر، وتسمى هذه قميئة طوب
والجمع قمائن، فلو كان هذا المكان قمينة طوب قديمة ولم تستخدم لكان الطوب
أخضر أي طوب لبن والأمر غير ذلك لأنه أحمر ولو كانت قمينة أحرقت لبقي مكان
الحرق ويبقى احتمال أنها مكان تجميع الطوب الأحمر ويبقى أين كان يستخدم هل
كان يستخدم في طريق الكباش.
صرح هامان في الأقصر الذين بناه لفرعون" border="0">
وتابعت الدراسة: "بقي أن نعرف أن طريق الكباش يمتد
جنوبا حتى معبد الأقصر، فلم يكون التشوين فقط في مكان ملاصق لمعبد الكرنك،
وهناك ملحوظة أخرى أن هذا المكان يجاور أماكن في المعبد تخص بعض الملوك في
الناحية الجنوبية من معبد الكرنك، وهذا كله من باب الاحتمالات يضاف إليه
أن يكون هذا الكوم الأحمر بقايا بناء من الأحمر أقيم لهدف ما وكونه بجوار
المعبد، وفي مناطق معابد فشماله معبد الكرنك وجنوبه معبد موت وغربه فرع طريق الكباش الواصل بين معبد الكرنك ومعبد موت وحوله منطقة أرض آثرية واسعة وهذا المكان جدير بالملاحظة والنظر والدراسة".
المصدر مواقع مصروي
إرسال تعليق